20 - 05 - 2025

عاصفة بوح | حتى ترضى النساء

عاصفة بوح | حتى ترضى النساء

يحتفل العالم بيوم المرأة العالمى فى 8 مارس من كل عام .. فتدبج الخطب العصماء فيما نالته المرأة من حقوق ودعم، وأنها أصبحت قاب قوسين من المساواة الكاملة مع الرجل فى جميع المجالات ، بل إن تشريعات بعينها قد سنت لحمايتها من العنف ، كونها هي الحلقة الأضعف فى العلاقة والحياة .. وبما أن العالم مازال عالما ذكوريا تتحكم فيه النزعات الذكورية العنيفة والأنانية بطبعها من تعامل المجتمع له وتدليله وحماية أفعاله الإجرامية من العقاب. فإننا مازلنا فى حاجة الى تنبيه العالم وخاصة الشرق الى كثير من التجاوزات ضدها، فالحقائق على أرض الواقع مازالت تشير إلى أن النساء مازلن على بعد مئات السنين الضوئية من المساواة والرضا بحالهن!

سنشعر نحن النساء بالرضا عندما يكف العالم عن النظر إلينا كسلعة جنسية، سواء فى سوق الزواج أو فى سوق النخاسة الإعلامية والفنية ، وكمجرد جسد يثير الغرائز ويلبى الحاجات البيولوجية للرجل ويكون استراحة المحارب له بعد عنائه الطويل فى العمل .. أما إذا ما بلى الجسد أو شاخ يقذف بمكانتها وحقوقها إلى أبعد وأعمق حفرة فى الكرة الأرضية! منتهى الظلم والنفاق والكيل بمكيالين!! 

سأتكلم عن أحوالنا نحن نساء الشرق العربى ، فأهل مكة أدرى بشعابها..

ستشعر النساء بالرضا عندما تتغير المناهج الدراسية فى العالم الثالث ، والعربى بصفة خاصة ، فلا تؤصل للعنصرية والتمييز ضد النساء ، ولا تنص على أن الرجال خلقوا للعمل والنساء للمنزل. 

مع تقديرنا واعترافنا بدور المرأة في الأسرة وأمومتها لأولادها ، فلا بد أن يوضحوا أن للأم والزوجة أدوار أخرى لا بد للمجتمع أن يساعدها للقيام بها ، وأن للزوج والأب أيضا دور فى تربية الأطفال والعناية بالمنزل كونهما شريكين فيه.. بهذا تتغير مع الوقت النظرة الظالمةللنساء ، ويعترف كحق أصيل وعلى أرض الواقع بأن لهن طموحاتهن وإنجازاتهن وأنهن إن أخذن الفرصة المناسبة دون وضع عراقيل مقصودة، فإنهن سيساهمن فى تنمية وتقدم مجتمعاتهن ، وهو مكسب  لو تعلمون عظيم!   

ورغم كل ماسبق فما زالت مجتمعاتنا تعانى من هيمنة السلفية الوهابية على حياتنا واتجاهاتها المعروفة ضد حقوق المرأة ومنعها من العمل ، بل إنهم إلى اليوم ونحن فى الألفية الثالثة مازالوا يرددون عدم جواز الاختلاط بين الجنسين، فى إنكار تام لبديهيات الحياة! بل أتذكر أنه فى السبعينات من القرن الماضي أفتى أحد شيوخ السلفية أن المرأة لا تخرج من المنزل إلا للضرورة وتختار الشوارع المنزوعة من وجود الرجال .. أي والله حدث بالفعل.. وما زال هذا الفكر مهيمنا فى كثير من محافظات  مصر، ولولا سيطرة الدولة وتيقظها لتلك النزعات لقاموا بمظاهرات ضد أحدث إنجاز للدولة ودعمها للمرأة بتعيينها قاضية..  فما زالوا يصدعون رؤوسنا بأنها عاطفية لاتستطيع أن تحكم بعيدا عن مشاعرها .. وتلك كارثة كأنهم لم يروا قيادة النساء لأقوى الدول بجدارة وتميز يحسدها عليه الرجال ، ولكنها العقلية الذكورية التي لا تريد أن تتخلى عن مكاسبها المادية والمعنوية ولتظل سيطرتها على النساء كنوع من إثبات الذات أو خوفا من منازلة النساء لهم في سوق العمل و الحياة، ليكتشفوا أن الذكورة وهم، وأن الإنسانية هي التى تحتوينا وتعدل مسار أفعالنا لو انحرفت عن المسار السليم!

سوف نشعر نحن النساء بالاطمئنان عندما تسن القوانين بجدية لحماية المرأة من التحرش وتكون الأحكام رادعة لتخيف المجرمين ، ولا تلوى النصوص الدينية لتؤصل لشرعية ضربها ، أو زواج زوجها دون علمها ولن ندخل للمرة المليون فى جدال الاشارة أن الدين الإسلامى  قيد هذا الحق بقوله تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" (النساء 129)

أما فى مجال العمل، فنتمنى أن تنال فرصا متساوية للترقى فى الوظائف العليا وأن تفتح لها كل المجالات التى كانت قاصرة على الرجال ، فلا تعامل بعنصرية تحول دون تحقيق أحلامها المهنية! 

 أما كارثة الكوارث والأمر الذي يخاصم العقل والعدل ، فهو وجود ما يسمى بجرائم الشرف وتخفيف الأحكام ضد مرتكبيها ، كأن حياة المرأة لا تساوي شيئا وأن للرجل الحق في قتلها إذا شك فى سلوكها .. فهل يعرف القانون "زينب" كما فى مسرحية فؤاد المهندس .. للأسف زينب ما زالت موجودة بجرأة في تشريعاتنا! كما نتمنى أن يعاقب زبون بيوت الدعارة مثل الداعرة المحترفة، لأنهما شريكان فى الفعل النجس .. فتلك المهنة تختفى باختفاء الزبون ، إذن العقاب لابد أن يكون واحدا للشخصين!. 

أما المسكوت عنه فى كثير من البيوت ، وهو زنا المحارم ، فأتمنى أن يلقى الضوء عليه فى الإعلام والمدارس والجوامع ، حتى تعلم الضحية أنها ليست المذنبة ، فيسهل عليها حماية نفسها بالإبلاغ عمن يرتكب هذه الجريمة معها، كأي جريمة أخرى.  

اللائحة سوف تطول ، ولن تسمح المساحة ولا  الوقت ، ولكننا فى حاجة أن نشعر نحن النساء بالاطمئنان ، وأن كوننا نساء يضيف إلينا ولا ينقص من حقوقنا!

أما أمنيتى الشخصية ، فهي أن يلاقى إنجاب الإناث نفس بهجة إنجاب الذكور، بإضافة اسم عائلة الأم مع عائلة الأب فى شهادة ميلاد الأطفال، حتى لا يحزن أبو البنات لاختفاء اسم العائلة بعد زواجهن.. ممكن؟

كل سنة ونساء العالم بألف خير.. المناضلات ، العاملات ، ربات البيوت الكادحات.. إلى المؤنسات الغاليات: سنة جميلة يا حلوة الحلوين!
----------------------
بقلم: وفاء الشيشيني

من المشهد الأسبوعي

   

   

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | علمتني غزة